الأخبار

غرفة الحافلات السفرية السودانية نموذج لإعادة اختراع الصناعة

غرفة الحافلات السفرية السودانية:

نموذج لإعادة اختراع الصناعة

أ.د. محمد المحمدي الماضي

مقدمة:

هذه حالة واقعية عايشتها وساهمت في ما حدث فيها من تحول وتغيير استراتيجي ناجح ومتميز في مدى زمني بسيط في دولة نامية بسيطة وبواسطة فريق إداري عادي وبسيط في بئتنا العربية ، وليست الشركات الغربية كما تعودنا مراجعنا دائما ...

لعل ذلك يكون حافزا لمن يقرأها لتعلم كيف يمار س بشكل مهني محترف استخدام نموذج التفكير الاستراتيجي المتكامل  في إدارة استراتيجية فعالة ، لتحقيق مثل هذا التميز الاستراتيجي الفز.

ظلت صناعة السفر الطويل في جمهورية السودان تسير بشكل تقليدي تسيطر فيه الباصات ، وتتحدى الليموزين وتتوارى عن المنافسة الحافلات. نظرا لضعف مركباتها ، وقلة إمكاناتها التي لاتتناسب مع السفر لمسافات طويلة قد تصل إلى أكثر من 1000 ك متر في كثير من الاتجاهات من وإلى العاصمة الخرطوم.

ولقد تميزت الباصات في هذا الصدد بإمكاناتها المرتبطة بالباص نفسه حيث يمكن أن يوفر مقاعد أكثر راحة ، ووجود حمام لابد أن يحتاج إليه المسافرون وخاصة في المسافات الطويلة ، وكذلك إمكانية وجود شاشة عرض لتقديم برامج تسلي المسافرين وتخفف عبء طول الرحلة هذا بخلاف إمكانية تزويد الباص بخدمة تقديم الطعام والمشروبات .

وإذا كانت كل هذه مزايا تنافسية ينفرد بها الباص على منافسيه ، إلا أننا لايمكن أن نغفل أهم نقطة ضعف يمكن أن يعاني منها وهي تلك الخاصة بانعدام المرونة فيما يتعلق باقتصاديات كل رحلة ، حيث تتحول ميزة الرحلات المنتظمة للباص إلى نقطة ضعف تضطر بعض الرحلات للانطلاق دون أن تحقق الحد الأدنى الاقتصادي من عدد الركاب .

ومع ذلك ظلت الباصات هي المستحوذ الأكبر على أكبر شريحة من سوق المسافرين بين الولايات متقدمة بذلك على الليموزين والحافلات .

لكن الليموزين ( وهي عربة مرسيدس خمسة راكب ) شكلت المنافس المتحدي للباصات ، حيث تمتعت بميزة المرونة في مواعيدها ، وانطلاقها دون قيود الارتباط بعدد كبير متنوع الوجهات ، مما أتاح لها بالإضافة للمرونة التمتع بتحقيق إقتصاديات التشغيل لكل رحلة دون التعرض لأية خسائر في حالة ضعف الإقبال على السفر...

أما عن الحافلات ( وهي عربة تسمى ميني باص أو ميكروباص ما بين 12: 24 راكب) وفي الغالب تكون 12 راكب، فإنها لاتتمع بمزايا حجم الباص ، ولا بمزايا مرونة الليموزين.

ورغم وجود غرفة لأصحاب الحافلات السفرية إلا أنها لم تكن تمثل سوى تجميع لهؤلاء مالكي الحافلات دون وجود حد أدنى من الإدارة الجماعية والتنسيق لمواجهة التحديات التي واجهتها طوال فترات وجودها .

 فالحافلات نفسها، كانت معظمها قديمة أو متهالكة ، وغير منتظمة في مواعيدها ولا مرنة في حركتها ، ولا تتمتع بخدمات تجعل من رحلاتها أكثر راحة كالباص وكان قرار إضافة أو تجديد حافلة أو أكثر يخضع لسياسة وقدرات كل مالك على حده...

لقد ترتب على هذا الوضع انعكاس مباشر على الحصة السوقية للمنافسين الثلاثة لتكون كالآتي على وجه التقريب:

·        الباصات النصيب الأكبر حوالي 70% تقريبا

·        الليموزين تليها مباشرة حوالي 25% تقريبا

·        الحافلات هي الأقل استحواذا لاتكاد تصل إلى حوالي 5% تقريبا

ولقد أدى هذا الوضع إلى تعرض غرفة الحافلات لخسائر متتالية وتهديدات ضخمة لم يكن أمامها سوى أحد أمرين لا ثالث لهما :

·        إما التوقف عن الاستمرار والانسحاب من السوق تماما .

·        وإما إعادة صياغة أعمالها (Business Design) والدخول في تحدي لإعادة اختراع الصناعة ككل بحيث تحول دفة المنافسة لصالحها ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا بالأخذ بآليات الإدارة الاستراتيجية بمفهومها الحديث باعتبارها سببا يجب على أي إدارة محترفة أن تأخذ به إن كانت تريد أن تؤمن لها مكانة تنافسية متقدمة ومستمرة على سائر المتنافسين .

ولحسن الحظ فقد غلبت كفة البديل الثاني ، وكانت المشكلة هي كيف يمكن لهم ممارسة ذلك وهم مجرد مجموعة من المستثمرين المتنوعين في هذا المجال ليس لأي منهم أدنى خبرة أو معرفة إدارية تذكر .

 ولحسن الحظ أيضا أن دلهم أحد الأعضاء الذين لهم سابق خبرة ومعرفة بالاتصال بمراكز التدريب والتنمية الإدارية وخبراء الإدارة في مصر ، دلهم هذا الشخص على أن يتلقوا دورة تدريبية في معهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة على أن يكون المدرب الرئيسي فيها هو أحد أبرز المتخصصين في إدارة الاستراتيجية في ضوء تجربته السابقة ، واشترطوا على المعهد أن يكون هذا الخبير هو من يقود المجموعة في هذا الوقت القصير إلى وضع خطة تحول استراتيجي لهم في ضوء ما هو متعارف عليه في أدبيات إدارة الاستراتيجية الحديثة .

واتصل بي أحدهم ، بالفعل ولم يكن متاحا لي جينها سوى يومين فقط من بين دورة مدتها خمسة أيام .

والتقيت بالمجموعة التي تضم معظم إن لم يكن كل ـ أعضاء مجلس الغرفة (حوالي 25 عضوا) ورئيسهم الشيخ محمد الحسن ، وكان رجلا كبيرا يفوق الخامسة والستين من العمر لكنه تميز بشخصية قيادية تجمع بين البساطة وفطرة القيادة والشخصية الكارزمية المؤثرة والمؤمنة بمهمتها والواثقة من تجاوز التحدي الذي يواجهها.

وكان ذلك اللقاء في شتاء عام 2009 حيث كان أمامنا يومان يتضمن كل منهما فترتين بينهما راحة وكان التحدي الذي أمامي ليس فقط أن أعطيهم محاضرات في تنمية المعرفة الإدارية وخاصة الاستراتيجية لديهم ، وإنما كان عليّ بشكل واضح أن أضع أيديهم بشكل ملموس على مفاتيح التميز الاستراتيجي الذي يقودهم ليكونوا في قمة المنافسة فكيف يحدث ذلك؟ لم يكن أمامي سوى أن أبدأ معهم من البداية وبشكل مركًز جدا.

بناء الثوابت:

لايمكن لأي منظمة أن تواجه رياح المنافسة العاتية وتحديات البيئة الخارجية المتزايدة دون أن يكون لها ثوابتها الراسخة التي تقودها إلى صياغة استراتيجيات مستقبلية بعيدة المدى لتحقيق التميز دون أن تفقد هويتها محافظة على الدفة دائما بين يديها .

لايمكن لأي منظمة أن تواجه رياح المنافسة العاتية وتحديات البيئة الخارجية المتزايدة ، دون أن يكون لها ثوابتها الراسخة التي تقودها إلى صياغة استراتيجيات مستقبلية بعيدة المدى لتحقيق التميز، دون أن تفقد هويتها، محافظة على الدفة دائما بين يديها .

ورغم الوقت الوجيز جدا إلا أنني وضعت خطة محددة للخروج ـ ليس فقط بصياغة الثوابت التي تكون بمثابة موجه دائم لغرفة أصحاب الحافلات نحو التميز ـ وإنما كان ولابد أيضا أن تحقق الآتي :

·        صياغة رؤية طموحة .

·        صياغة رسالة موجهه

·        ثم تحديد الوضع الراهن الذي تقف عليه الغرفة في ضوء عوامل النجاح والتميز الأساسية في الصناعة .

·        ومن ثم تحديد الفجوة الاستراتيجية سواء بين ما هو مأمول الوصول إليه وما هو واقع . أو ما بين وضعها ووضع المتنافسين معها .

·        ثم تحديد ملامح الوضع التنافسي بينها وبين اللاعبين الأساسيين في الصناعة وهم كما سبق أن ذكرنا الباصات والليموزين ، بالإضافة لغرفة الحافلات السفرية ذاتها .

·        ولم يغب عنا تحديد ملامح البيئة الخارجية المحيطة وما تمثله من فرص أو تهديدات لغرفة الحافلات .

·        ثم صياغة الأهداف الاستراتيجية .

·        وأهم ما يجب فعله من استراتيجيات مبتكرة لبناء ميزة تنافسية مستديمة تعيد الاستحواذ على القيمة لأصحاب غرفة الحافلات ، بل وتعظيمها لهم مع الوقت من خلال تصميم نموذج أعمال متميز يتفوق في إشباع أولويات العميل عن سائر المتنافسين مع الوقت .

قيادة عملية تغيير وتحول استراتيجي متحدية في وقت وجيز ومتحدٍ: لمتابعة الحالة كاملة يمكنك تحميلها:

لتحميل الحالة كاملة  اضغط

إلى أي درجة تعتقد أن اتباع المنهج الاستراتيجي المحترف يحسن الأداء المالي للشركة؟ *?
  • Votes: 0%
  • Votes: 0%
  • Votes: 0%
Loading icon small
Icon loading polling
Total Votes:
First Vote:
Last Vote:
استفسارك يسعدني
Close and go back to page